تخيل أفضل شجرة على وجه الأرض شجرة تتفوق على كل الأشجار الأخرى في الروعة والحجم والإرتفاع والإنتاجية والهندسة المعمارية والقدرة على سحب آلاف الجالونات من المياه، وهي أشجار السيكويا العملاقة، ولكنها تقاوم بشكل رائع الجفاف والحرائق والحشرات والأمراض والإنهيارات الطينية والفيضانات والرياح، وهي تمتلك تنوعا بيولوجيا رائعا، وتعرف ملوك الغابة أنبل سلالة من سلالات الأشجار بالسيكويا الخالدة، والمعروفة أيضا بإسم أشجار الساحل الأحمر.
يمكن إرجاع النسب المباشر لأشجار السيكويا العملاقة إلى 144 مليون سنة مضت إلى بداية العصر الطباشيري وفي ذلك الوقت كان الديناصور ريكس قد بدأ في الحكم لأكثر من 40 مليون سنة حيث لم يحقق أي زواحف أو حيوان منذ ذلك الحين، وتنتمي أشجار السيكويا العملاقة إلى المجموعة النباتية المعروفة بإسم تاكسودياكيا وهي نباتات صنوبرية، وكانت الأكثر انتشارا بين جميع الصنوبريات التي تعيش على كوكب الأرض.
آلية الإنجاب المزدوجة لأشجار السيكويا العملاقة:
تعتبر أشجار السيكويا العملاقة فريدة من نوعها لأسباب عديدة حيث إنهم قادرون على التكاثر من كل من البذور والعضو الرخامي في قاعدة الشجرة تحت التربة مباشرة، ولا توجد صنوبرية أخرى تمتلك هذه الآلية المزدوجة، وإنها سمة منتشرة بين السلالات الأكثر تقدما من الأشجار المسماة كاسيات البذور أو الأشجار عريضة الأوراق التي تطورت بعد حوالي 80 مليون سنة من ولادة أشجار السيكويا العملاقة، وتدين كاسيات البذور بوجودها للملقحات مثل النحل والعث والخفافيش والطيور، وأطول أشجار حية على وجه الأرض هي أشجار السيكويا العملاقة يبلغ ارتفاعها 379.3 قدما وهذا أطول من تمثال الحرية أو ما يعادل ناطحة سحاب مكونة من 38 طابقا، وإنها تحمل أكثر من مليار إبرة، وهي كافية لتغطية ملعب كرة قدم.
أشجار السيكويا العملاقة مقاومة للحريق والعفن:
تخزن أشجار السيكويا العملاقة آلاف الجالونات من المياه، لذلك في أشهر الصيف الجافة لا تنفد أبدا، وبالتالي من المحتمل أن تنمو لمدة 12 شهرا في السنة، ولا يحتوي الخشب على طبقة لزجة مثل الصنوبر والتنوب وبالتالي لا يحترق بسهولة، واللحاء الذي يبلغ سمكه 20 بوصة أو أكثر هو عازل ممتاز، وفي شمال نطاقه تتراوح ترددات النار بين 600 إلى 800 عام، واللحاء يحتوي على نسبة عالية من حمض التانيك والخشب مليء بالزيوت الأساسية المتطايرة مما يجعله شديد المقاومة للعفن، وعلى الرغم من أن الحشرات تغزو أشجار السيكويا العملاقة فلا يمكن لأي منها قتل الأشجار الناضجة بمفردها.
نجت غابات أشجار السيكويا العملاقة من تغير المناخ والإضطرابات الجيولوجية والعصور الجليدية، واليوم هم موجودون فقط على طول شريط ضيق من الأرض يبلغ طوله حوالي 435 ميلا يمتد من جنوب غرب ولاية أوريغون إلى بيج سور وهناك ثلاث مجموعات سكانية متميزة الشمالية والوسطى والجنوبية، ولديهم تكييفات تمكنهم من العيش على الأقل ألفي سنة.
وتمتلك أشجار السيكويا العملاقة القدرة على امتصاص الماء من الضباب بحيث يمكنها الاستمرار في النمو خلال فترات الجفاف في الصيف ومثل جميع الأشجار تمتلك جذورها شراكة مع فطر التربة حيث يتغذى الفطر على سكر جذور الشجرة ويوفر في المقابل رطوبة ومغذيات إضافية للجذور كما تمنح الفطريات الفطرية المرتبطة بأشجار السيكويا العملاقة مقاومة للجفاف لجذور الخشب الأحمر، فقط في حالة حدوث تعويذة جافة طويلة غير متوقعة.
أشجار السيكويا العملاقة غابة فوق غابة:
القصة الحقيقية تحدث في أعالي رؤوس الأشجار ويمكن أن تنبت أشجار السيكويا العملاقة غابة فوق غابة، ويعتقد العلماء أن هذا استجابة للضرر الميكانيكي وللبحث عن المزيد من الضوء المتوفر اللازم لإلتقاطه لإنتاج المزيد من الطعام، ويعد الإنصهار من فرع إلى فرع، من فرع إلى جذع، ومن الجذع إلى جذع الإندماج أمرا شائعا في العديد من الأشجار الشمالية القديمة وتصبح هذه مصادر لتخزين ومشاركة المياه والمغذيات وتثبيت التاج أثناء العواصف الشتوية وهذه الغابات فوق الغابات تعزز التنوع البيولوجي.
في قمم الأشجار، توجد حصائر سرخس مشبعة عمرها 500 عام بحجم شاحنات الميني فان الكبيرة التي يزيد وزنها عن 551 رطلا، ووجد معهد جلوبال فورست ساينس للحفظ ومقره بانف ولوس أنجلوس مجدافيات الأرجل المائية (مخلوقات المياه العذبة المصغرة) على ارتفاع 230 قدما فوق سطح الأرض تعيش في بحيرات الطحالب السرخسية وقبل اكتشافها كان من المعروف أن هذه المخلوقات تعيش فقط في مجاري الأنهار على أرض الغابة.
ويعتقد العلماء أنهم زحفوا على ارتفاع 230 قدما فوق جذوع الأشجار التي غمرتها الأمطار خلال أشهر الشتاء والمكافئ البشري هو الزحف إلى قمة جبل إيفرست، وتدعم غابات أشجار السيكويا العملاقة القديمة وقمم أشجارها عددا لا يحصى من الأشنات والطحالب بالإضافة إلى النباتات الوعائية الأخرى مثل أشجار السالمون بيري والتوت وراموس التي تنمو على ارتفاع 240 قدما فوق الأرض.
موطن أنواع أشجار السيكويا العملاقة المهددة بالإنقراض:
هذه المظلات أو رؤوس الأشجار هي أيضا موطن الحيوانات المهددة بالإنقراض مثل البوم المرقط، ويتطلب كل زوج تكاثر ما لا يقل عن 2476 فدانا من الغابات غير المضطربة للتكاثر بنجاح، ويتم طردها بواسطة البوم الطائر، والمورلي المهددة بالإنقراض التي تم اكتشافها فقط في عام 1974، ويمكن أن تطير بسرعة تزيد عن 85 ميلا في الساعة.
وتعيش في البحر لمدة تصل إلى تسعة أشهر وتأتي الشاطئ فقط للتكاثر على الفروع المغطاة بالطحالب في غابات أشجار السيكويا العملاقة القديمة، وأشجار السيكويا العملاقة هو ببساطة أكثر النظم البيئية إنتاجية على وجه الأرض حيث ينتج 4500 متر مكعب من الخشب لكل فدان، وبقي 0.007 في المائة فقط من النظم البيئية لأشجار السيكويا العملاقة القديمة.
العالم مكان مختلف تماما اليوم عما كان عليه عندما كانت أشجار السيكويا العملاقة واحدة من أكثر مجموعات النباتات انتشارا على وجه الأرض وذهب الديناصور لكن أشجار السيكويا العملاقة باقية، وعلى الرغم من أن انقراض أنواع أشجار السيكويا العملاقة في المستقبل القريب أمر مشكوك فيه، إلا أن حساسية النظام البيئي لها لا يمكن إنكارها.
وبدأ تغير المناخ في التأثير على هذه الغابات أيضا، وإنه يقلل من عدد ساعات الضباب بمقدار ثلاث ساعات في اليوم، وفي الصيف الحار والجاف يكون للضباب المفقود تأثير كبير على صحة الأشجار وطول العمر، ويجب إعطاء علماء أحياء الحفظ الفرصة لدراسة وفهم هذه الغابات الرائعة ولا شك أن صحة أشجار السيكويا العملاقة وطول عمرها ستفيد البشرية جمعاء، وإن وقف جميع عمليات قطع أشجار السيكويا العملاقة القديمة المتبقية لها أهمية قصوى.