معظم الناس على دراية فقط بقنديل البحر الناضج على إنه ذلك المخلوق المخيف والشفاف الذي يشبه الجرس والذي يوجد أحيانًا على الشواطئ الرملية، ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن قناديل البحر لها دورات حياة معقدة، تمر خلالها بما لا يقل عن ست مراحل نمو مختلفة، وفي هذا المقال سنأخذ جولة عن دورة حياة قناديل البحر، بداية من البويضة المخصبة إلى قنديل البحر البالغ كامل النمو.
في بداية الأمر يكون لـ قنديل البحر مرحلة مطاردة (سليلة)، عندما يكون مرتبط بالشعاب المرجانية الساحلية، ومرحلة أخرى لقنديل البحر وهي مرحلة (ميدوسا)، عندما يطفو بين العوالق وميدوسا تكون هي المرحلة الإنجابية والتي يتم من خلالها تخصيب بيوضها داخليًا وتتطور إلى يرقات مستوية حرة السباحة، وبعد فترة وجيزة من الطفو في المياه السطحية، تستقر اليرقات في قاع البحر، وتربط نفسها في أحد طرفيها وهناك يتطورون إلى الأورام الحميدة ويبدأ في التغذية والنمو، وفي الربيع، تبدأ بعض الأورام الحميدة في التبرعم من قناديل البحر غير الناضجة المعروفة باسم يرقات الافيرا وتنمو هذه لتصبح قناديل البحر ناضجة.
البيض والحيوانات المنوية:
تبدأ قصة حياة الهلام مثلنا تمامًا مع ذكر وأنثى يبحثان عن فرصة للتزاوج، وعند الغسق أو الفجر، تتجمع قناديل البحر البالغة في أعداد كبيرة لتفرخ وهذا يعني أنهم يطلقون كميات هائلة من الحيوانات المنوية والبيض غير المخصب في المحيط من حولهم وتستمر أحداث التفريخ هذه طوال حياة الجيلي البالغة وتحدث بسبب قربها من الجيلي والضوء ووفرة الطعام وكلما زاد حجم الهلام البالغ في هذا الوقت، زاد عدد النسل الذي يمكن أن ينجبا.
وعادةً ما يُترك البيض المخصب لينجرف بحرية في تيارات المحيط، لكن بعض قناديل البحر تبذل جهدًا أكبر لحماية بيضها، فعلى سبيل المثال، تسمح للبيض المخصب بالالتصاق بذراعها الفموية وحمايتها حتى تصبح جاهزة للبقاء على قيد الحياة في المرحلة التالية من حياتها.
ومثل معظم الحيوانات الأخرى، يتكاثر قنديل البحر عن طريق الاتصال الجنسي، مما يعني أن قنديل البحر البالغ إما ذكر أو أنثى ويمتلك أعضاء تناسلية تسمى الغدد التناسلية، وعندما يكون قنديل البحر جاهزًا للتزاوج، يطلق الذكر الحيوانات المنوية من خلال فتحة الفم الموجودة على الجانب السفلي من الجرس، وفي بعض أنواع قناديل البحر، يتم ربط البيض بـ "أكياس الحضنة" على الجزء العلوي من ذراعي الأنثى، المحيطة بالفم؛ ويتم تخصيب البويضات عندما تسبح عبر الحيوانات المنوية للذكور، وفي الأنواع الأخرى، تضع الأنثى البويضات داخل فمها، وتسبح الحيوانات المنوية للذكر في معدتها؛ والبويضات المخصبة تغادر المعدة فيما بعد وتلتصق بذراعي الأنثى.
يرقات بلانولا:
بعد أن يتم تخصيب بيض قنديل البحر الأنثوي بواسطة الحيوانات المنوية للذكور، فإنها تخضع لتطور جنيني نموذجي لجميع الحيوانات وسرعان ما تفقس، وتخرج يرقات "بلانولا" التي تسبح بحرية من فم الأنثى أو كيس الحضنة وتنطلق بمفردها والمستوي عبارة عن هيكل بيضاوي صغير تصطف الطبقة الخارجية منه بشعيرات دقيقة تسمى الأهداب، والتي تنبض معًا لدفع اليرقة عبر الماء وتطفو اليرقة المسطحة لبضعة أيام على سطح الماء؛ إذا لم تأكله الحيوانات المفترسة، سرعان ما تسقط لتستقر على ركيزة صلبة وتبدأ في تطورها إلى ورم.
الأورام الحميدة ومستعمرات البوليبات:
بعد الاستقرار في قاع البحر، تلتصق اليرقة المسطحة نفسها بسطح صلب وتتحول إلى سليلة وهي بنية أسطوانية شبيهة بالساق ويوجد في قاعدة الورم قرص يلتصق بالركيزة، وفي قمته فتحة فم محاطة بمخالب صغيرة وتتغذى الزوائد اللحمية عن طريق سحب الطعام إلى فمها، ومع نموها تبدأ في تكوين أورام حميدة جديدة من جذعها، وتشكل مستعمرة سليلة هيدروليكية حيث ترتبط السلائل الفردية ببعضها البعض بواسطة أنابيب التغذية وعندما تصل الأورام الحميدة إلى الحجم المناسب (والذي قد يستغرق عدة سنوات)، فإنها تبدأ المرحلة التالية في دورة حياة قنديل البحر.
الافيرا وميدوسا:
عندما تكون مستعمرة الزوائد اللحمية جاهزة للمرحلة التالية من تطورها، تبدأ أجزاء الساق من الزوائد اللحمية في تطوير أخاديد أفقية، وهي عملية تعرف باسم ستروب وليشن، وتستمر هذه الأخاديد في التعمق حتى تشبه الزوائد اللحمية كومة من الصحون؛ ينضج الأخدود العلوي بشكل أسرع، وينمو في النهاية كقنديل بحر صغير، يُعرف تقنيًا باسم الافيرا، ويتميز ببروز يشبه الذراع بدلاً من الجرس الكامل المستدير وتنمو الافيرا السباحة الحرة في الحجم وتتحول تدريجيًا إلى قناديل البحر البالغة (المعروفة باسم ميدوسا) التي تمتلك جرسًا ناعمًا وشفافًا.
الطفولة الطويلة والأورام الحميدة:
تتطور الخطة المرفقة إلى مرحلة الحياة التالية "الورم" ويمكن اعتبار الزوائد اللحمية كحيوانات صغيرة مطاردة مع أحد طرفيها مثبت على الأرض، والطرف الآخر يمتد إلى الماء مع حلقة من اللوامس تحيط بفمه / فتحة الشرج، وفي هذه المرحلة، يمتلك قنديل البحر نظامًا هضميًا متطورًا تمامًا وهو قادر على اصطياد الفريسة وإطعام نفسها بكفاءة.
يشبه سليلة قنديل البحر هذه إلى حد بعيد الحيوانات البحرية الأخرى مثل شقائق النعمان وشقائق النعمان والشعاب المرجانية، وفي الواقع، هذه الحيوانات هي أقارب قريبة جدًا لقنديل البحر الحقيقي وتتبع نفس دورة الحياة حتى هذه النقطة والفرق هو أن قنديل البحر سوف يتطور إلى مراحل جديدة تتجاوز الورم الحميد، في حين أن حيوانًا مثل شقائق النعمان سيصبح أساسًا "سليلة بالغة".
اعتمادًا على الأنواع، يمكن أن يبقى قنديل البحر في مرحلة البوليبات هذه لسنوات وهذا يسمح له بالانتظار حتى تنضج الظروف المثالية عندما تكون الظروف مناسبة أو تفرخ أعداد كبيرة من أنواعها قبل الانتقال إلى شكلها النهائي البالغ، وعندما تكون الظروف مثالية، تبدأ السليلة في التكاثر اللاجنسي عن طريق استنساخ نفسها وتستطيل البوليبات وتشكل شرائح تتبرعم في النهاية لتشكل حيوانات مستقلة أو حتى المزيد من الاورام الحميدة لتسريع هذه العملية وتُعرف هذه العملية باسم الشد العضلي، وتبدأ عملية الانتفاخ مع إعادة امتصاص مجسات الزوائد اللحمية في جسمها ويصبح جسم الورم أضيق وتبدأ الأجزاء المرئية بشكل واضح في التكون.
وفي النهاية، تصبح الأخاديد بين هذه الأجزاء عميقة بدرجة كافية حتى تنفصل الأجزاء تمامًا، مع أخذ مجموعة مستقلة تمامًا من العضلات والأعصاب والجهاز الهضمي معها .