العقرب واحد من المخلوقات التي تثير الرعب في نفوس البشر، ولذلك يكره البشر العقرب منذ العصور القديمة، ومن المحتمل أن يكون سبب الكراهية هذه مظهر العقرب المخيف مع الكماشة الموجودة في أطرافه الأمامية، والجذع الملئ بالسم الموجود في نهاية جسمه، والعقرب ليس من الحشرات بل من فئة العنكبوتيات، ويمتلك العقرب ثمانية أرجل بالإضافة منطقة الجسم الرئيسية، وما يسمى بالأورام الظهارية أو البطن، ولدى العقرب عينان تقعان في أعلى رأسه، بالإضافة إلى عينين إلى 5 عيون جانبية على طول كل جانب، فكل جانب يحتوي على 5 عيون.
وحتى مع كل هذه العيون لا يستطيع العقرب أن يرى بشكل جيد، ورغم هذه المفاجأة، يظل العقرب هو الأفضل رؤية بين جميع أنواع المفصليات الأخرى، وبشكل عام، فإن عيون العقرب تكتشف الحركة والضوء في الظلام، ويكتشف العقرب طريقه من خلال الهياكل الحسية في أرجله ومن خلال الهياكل الشبيهة بالفرشاة والتي تسمى البكتين الموجودة في الجزء السفلي من البطن، ومن خلال هذه الهياكل البطنية يتعرف العقرب الذكر على الأنثى المتاحة في المنطقة، كما تستخدمها العقارب الصغيرة للتعرف على أمها، وعلى الرغم من أن العقرب لا يمتلك ذيل حقيقي إلا أن ظهور أحدها على البطن يسمى الورم الميتا سوما، وتنتهي بغدد السم.
تاريخ ظهور العقرب :
العقرب يعيش على الأرض منذ فترة طويلة للغاية، وهو من الحيوانات التي تكيفت مع الحياة على الأرض منذ حوالي 420 مليون سنة، وهناك سجلات أحفورية لتلك الفترة تؤكد أن طول العقرب كان يصل إلى 3.3 قدم أو ا متر، ويستخدم العقرب رئتي التنفس، وهو نوع من أنواع التنفس تستخدمه بعض أنواع العنكبوت ويشبه إلى حد كبير الخياشيم الموجودة في الأسماك.
والعقارب تظهر في العديد من المناطق، ولكن من النادر رؤيتها بسبب طبيعتها الليلية، ومع ذلك هناك العديد من الثقافات التي تمتلك أساطير حول العقرب وقوته، ويعتقد بعض الأشخاص أن العقرب ينتحر عن طريق لدغ نفسه عندما تهدده النيران، وهذا ليس صحيحاً لأنهم محصنون ضد سمهم، وفي أفريقيا، هناك اعتقاد بأن العقرب الميت يجذب جميع العقارب الأخرى في المنطقة، وهذا ليس صحيحاً أيضاً، لأن العقرب لا يبحث عن أقرانه إلا في وقت التزاوج، وفي الأساطير المصرية، ارتبط الآله أيزيس بالعقرب، لأنها كانت رمزاً لأم مخلصة، وأنثى العقرب تحمي صغارها وتحملهم طوال الوقت فوق ظهرها.
أماكن تواجد العقرب :
العقرب يعيش في كل القارات بإستثناء القارة القطبية الجنوبية، وبالتحديد في الأماكن التي تتراوح بين الغابات المطيرة الإستوائية والمراعي والصحاري، ومعظم انواع العقرب ليلية، وعادة ما يا يعيش في نفس المنطقة طوال حياته، وتعيش العديد من أنواع العقارب في الجحور التي تحفرها والتي تدافع عنها من الحيوانات الأخرى التي تريد احتلالها، ويستخدم العقرب الجحور وأنواع أخرى من الملاجئ للاختباء من الحيوانات المفترسة، وللحفاظ على نفسه بارد سواء في الأيارة الحارة أو في الليالي الباردة، وعادة ما يكون جحر العقرب صغير ومضغوط، وأنواع العقارب التي لا تحفر جحور قد تتسلق الأشجار أو تختفي تحت اللحاء أو فضلات الأوراق للحصول على مأوى.
نظام العقرب الغذائي :
يستخدم العقرب طرق مختلفة للحصول على وجبته، والتي قد كون حشرة أو عنكبون أو فأر صغير أو سحلية، وتنتظر العديد من أنواع العقارب في جحورها في حالة تأهب واستعداد للدغ حتى تمر الفريسة، والبعض الآخر يتجول حتى يعثر على فريسته، وأنواع أخرى تصنع مصائد من الرمال لإقتناص الفرائس، والعقرب يمتلك شعيرات حساسة في باطن أقدامه والتي يمكن أن تحدد وتلتقط الحشرات أثناء طيرانها، وبمجرد أن تصبح الفريسة في متناول اليد، يتم الإمساك بها ككماشة وسحقها.
ويستخدم العقرب لدغته السامة إذا لزم الأمر فقط، حيث يستخدم العقرب الكثير من طاقة الجسم لإنتاج المزيد من السم، ويمتلك العقرب فم صغير جداً يمكنه امتصاص السائل فقط، لذلك يتم غمر الفريسة التي يتم الإمساك بها في إنزيمات حتى تذوب الفريسة داخلها، وهي عملية تستغرق ما يصل إلى ساعة، ولا يأكل العقرب كل يوم، وفي الأماكن الأكثر جفافاً يظل العقرب بدون طعام لمدة تصل إلى 12 شهر طالما يوجد مياه، وعادة يتناول العقرب وجبة كل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ويلعب العقرب دوراً هاماً في خفض أعداد الحشرات.
سم العقرب :
قد تحتو العقارب على 45 سم مختلف، وبعض السموم أكثر تأثيراً على الحشرات، وبعضها على القشريات، وبعضها على الفقاريات، ويستخدم العقرب سمه لإخضاع الفريسة ولحماية نفسه من الحيوانات المفترسة، وتشمل الحيوانات المفترسة للعقرب حشرة أم أربعة وأربعين، الذباب، البوم، الخفافيش، طيور القيوط، وبعض الحيوانات مثل الميركات والنمس محصنة ضد سم العقرب، وتتكون لدغة العقرب الأولى من سموم مختلفة من اللدغات اللاحقة، وعادة ما تكون الدغة الأولى قوية بما يكفي لشل فريسة الفقارايات.
وعادة ما تكون اللدغات التالية أخف ضرراً أو تستخدم على اللافقاريات، وجميع انواع العقارب لديها سم، ولكن من بين 1500 نوع من أنواع العقرب، هناك حوالي 25 نوع فقط مهدد لحياة البشر، بينما لدغة معظم الأنواع كافية لقتل حشرة أو عنكبوت ولكنها مؤلمة فقط للبشر مثل لدغة النحل، ولكن يمكن أن تسبب لدغة العقرب الحساسية والتي تحتاج إلى رعاية طبية للتأكد من عدم حدوث مضاعفات.
حياة العقرب العائلية :
يمكن لذكر العقرب أن يغادر وطنه للبحث عن أنثى للتزاوج من خلال البحث عن رائحتها، وتختلف طقوس التزاوج من نوع إلى آخر، ولكن بشكل عام إذا كانت الأنثى مهتمة بالتزاوج، يبدأ الذكر رقصة التودد وفيها يتلامس الزوجان ويصطدمان ببعضهما البعض ويضربان بعض بالجذع الخلفي ولكن بدون لدغ في سلوك يسمى الضرب بالهراوات، وقد تستمر هذه الرقصة من بضع دقائق إلى ساعات، ثم يحدث التزاوج بين الزوجين، وعادة ما يغادر ذكر العقرب بعد التزاوج لأن الأنثى تصبح شديدة العدوانية، وقد تقرر أن الزوج سيكون وجبتها اللذيذة القادمة.
وعلى عكس معظم اللافقاريات الأخرى تلد أنثى العقرب بعد شهرين إلى 18 شهر بعد التزاوج على حسب النوع، ويخرج الصغار إلى الحياة في شكل يشبه العقارب البالغين ولكن في نسخة مصغرة، ويكون جسم الصغار أبيض وناعم ولا يمكنهم اللدغ، ويصعد الصغار على الفور على ظهر الأم ويظلون هناك لعدة أيام، وخلال هذا الوقت يمتص الصغار كيس الصفار المغذي، وبعد ذلك يتفرق الشباب عادة عن أمهم، وفي بعض أنواع العقارب تقتل الأم فريسة صغيرة لأطفالها بعد الفطام وتتركه لهم.
وفي هذا النوع من العقارب يظل الصغار مع امهم لمدة عامين، وهذا يعتبر وقت صعب لشباب العقارب، لأن الأم إذا شعرت بالجوع قد لا تتعرف عليهم وتقتلهم وتأكلهم بكل السهولة، ولذلك تغادر العقارب الصغيرة لتأسيس مناطق خاصة بها، ويكون متوسط نضج العقرب بين سنتين إلى ثلاثة سنوات، وقد تنضج بعض الأنواع في ستة أشهر والبعض الآخر قد يستغرق 7 سنوات تقريباً.